في ذكرى الانتفاضة.. قراءة في التحولات النوعية!!
بقلم: محمد السروجي
وُلِدَت الانتفاضة الأولى "يناير عام 1987" من رحم الإخوان المسلمين، بقيادة ميدانية لحركة حماس، وُلدت عملاقةً، تحمل جملةً من القناعات العقدية والسياسية والفكرية؛ أهمها فشل المسار التفاوضي، بل وخطورته على القضية والهوية والحقوق، وانطلقت بمقوِّم معنوي نوعي وغير مسبوق؛ مفاده عدم الاستسلام للأكذوبة التي قام عليها الكيان الصهيوني بأنه قدرٌ لا فكاك منه، وعدم القبول بالمتحدثين الرسميين عن القضية.. انطلقت بإمكانات متواضعة للغاية على المستوى المادي، وشامخة للغاية على المستوى المعنوي.. مجموعة من الشيوخ والشباب يؤمنون بحقوقهم العادلة والمشروعة، يمتلكون إرادة الفعل، ويتحلَّون بصفات المجاهدين، ويتحمَّلون تبعات المشروع.. انطلقت منذ 22 عامًا، وكان الحصاد جملةً من التحولات والنجاحات النوعية وغير المسبوقة في تاريخ القضية، فرضت نفسها على المشهد المحلي والإقليمي والدولي.
التحولات النوعية.. "نجاحات ومكتسبات"
* انهيار المقوِّم المعنوي الذي قامت عليه دولة الكيان الصهيوني "أن إسرائيل قدرٌ لا فكاك منه"، وانتقل الكيان من مربع الحدود إلى مربع الوجود، كما انهار المقوم المادي بأن جيشه لا يُقهر بالفشل العسكري المتكرر أمام حزب وحماس.
* حضور المرجعية الإسلامية وبفاعلية لقيادة تيارات المقاومة بعد عقود من الإقصاء؛ ليتمَّ التكافؤ بين المشروعين الصهيوني والإسلامي على المستوى المرجعي.
* فشل المسار التفاوضي رغم سلسلة التنازلات التي قدَّمها فريق المساومة؛ لدرجة وصل فيها إلى أن يكون الوكيل الحصري للاحتلال في التعامل الأمني مع المقاومة.
* الصمود المبهر للمقاومة وشعب غزة أمام الحصار الظالم والحرب الآثمة التي شارك فيهما العدو والشقيق والصديق، سواء بسواء.
* تعثر المشروع الصهيوأمريكي على المستوى الإستراتيجي؛ بالانتقال من سيناريو تقسيم المنطقة إلى استدعاء قيادة بديلة "تركيا".
* فشل الحسم العسكري في فلسطين وكل بلدان المنطقة، وتغير لغة الخطاب الصهيوأمريكي من الاستعلاء والغطرسة إلى إبداء التواصل والمهادنة؛ "لا يمكن إطفاء النار بمزيد من اللهب" تصريح لأوباما، بهذا المثل التركي خلال زيارته لأنقرة".
* انحسار الحلم الصهيوني من إسرائيل الكبرى "من النيل إلى الفرات" إلى دولة تل أبيب الآمنة.
* الدعوة إلى مرجعية جديدة وبديلة للمقاومة بعد ترهُّل وانكسار المنظمات التاريخية بعد رحيل جيل المؤسسين وفساد الأبناء الوارثين.
* الاصطفاف الشعبي وبعض النخبي حول تيار المقاومة المسلَّحة في الدول المحتلة والمقاومة السلمية في دول الاستبداد والفساد.
وأخيرًا.. رغم التواطؤ الدولي والصمت العربي بل والتنسيق أحيانًا فإن الانتفاضة فرضت واقعًا جوهريًّا وتغيرًا نوعيًّا؛ خلاصته أنه "لا حلَّ دون تيار المقاومة".