الهمّ
بقلم الأستاذ:- سامحي مصطفى*
المشهد الأول...
رأيته مهموماً مطأطىء الرأس يُرى عليه أثر التعب والإرهاق وقلة النوم، حينما اقتربت منه وكأني أرى رجلاً قد جُمعت له هموم الدنيا كلها على ظهره فانحنى من كثرة همومه، دنوتُ منه أكثر فأكثر لكي أسأله على ما أهمَّه، فنظر إلي نظرة طويلة تحمل في طياتها الأسى والتعب والإرهاق والهموم الجسام وأخبرني - وكادت عيناه تذرفان – أن لديه ستاً من البنات يحتاج إلى أن يجهزهن لأنه قد اقترب أمر زواجهن وهو لا يملك المال حتى يستطيع أن يأتي بأمور الزواج إليهن فبدأ يعمل ويجد ويجتهد حتى أنه واصل الليل بالنهار ويعمل بكل ما أوتي من قوة وتحمَّل كل الضغوط وسمع كل ما لا يحبه ويكرهه.
المشهد الثاني...
رجل يحمل جعبته التي بها بعض الهدايا ليوزعها على مَن تعرَّف عليهم ويركب دراجته، قد جاء من بلاد أوربا من بلاد السحر والجمال ترك منزله الذي هو قطعة من الجمال في وسط أوربا وترك حياة الرفاهية والراحة وجاء إلى الجنوب حيث بلاد الصومال وأنجولا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا..... الخ حيث أماكن المجاعات والفقر المضجع لكي يقوم بمهنته كمبشِّر بالمسيحية وعاش في أكواخ صنِعت له ليكون قريباً مما يدعوهم وتحمَّل التعب والأمراض المستعصية والحشرات القاتلة فضلاً عن الحيوانات والسباع.
وأتركك مع المشهدين ولتعرض نفسك عليهما وتقيس همَّك على همِّهم وعملك على عملهم.
أخي..... أين همومنا نحن؟
أين نحن من أمتنا... أين نحن من دعوتنا؟ أين نحن من مقدساتنا؟ أين نحن من عرضنا, من كرامتنا, من شرفنا, بل أين نحن من الله؟
فلنسأل أنفسنا كم ساعة مرت علينا وكنا نفكِّر فيها لأمتنا, لديننا, لمقدساتنا، كم مرة لم نَنم لأننا كنا مشغولين بأمر أمتنا.
إن أمتنا تمر بأحداث جسام وظروف قاسية فها هي فلسطين والمسجد الأقصى وها هو العراق وها هي السودان وكشمير والفلبين والهند.........الخ بل هذه هي بلادنا التي نعيش فيها، وهاهي أزمة الحجاب في بلاد أوربا وها هي بلاد تسب رسولنا صلى الله عليه وسلم واللهِ إن أحداث أمتنا تحيى الموتى من قبورهم وتشفي المرضى من سقمهم، ألم تؤثِّر فينا أحداث أمتنا لكي نعيش الهمَّ ونحياه ونعمل من أجله.
أخي .. أنا لن أخوض في الهمِّ ومعانيه وأسبابه وكيف نصل إليه، أريدك فقط أن تعيش الهمَّ بقلبك وجوارحك وتعمل له لأن صورة أمتنا أبلغ حتى نتحرك ونجتهد ونعمل من أجلها
وأخيراً.... همُّك ما أهمك، فلتكن أمتك هي همك وعلى قدر همك تكن هِمتك وعملك