التعارف شجرة طيّبة تذبل بين المتاجرة و المراهقة

التعارف شجرة طيبة تذبل بين المتاجرة والمراهقة

بقلم فضيلة الشيخ :- عاطف أحمد أبو زيتحار

معرفة الناس كنوز هكذا قال لنا مَن سبقونا؛ فنحن نحب إخواننا وبني جنسنا ونتعرف عليهم انطلاقاً من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)) الحجرات؛ العقلاء كلما تعرفوا على صديق جديد سعدوا كثيراً لأن العثور على صديق وفيٍّ في دنيا المادة والغلاء وكثرة الوباء بمثابة العثور على كنز بعد فقر وهوان.

شكا لي بعض الإخوة من الفضوليين الذين يلتقطون الإيميلات ويقومون بمراسلتها؛ قال لي: لقد تعرفتُ على مجموعة كانت لبعضهم صحبة اقتربت الأرواح وائتلفت؛ لقرب المعدن وتلاقي الفكرة وهم قليل؛ وبعضهم رأيتُ فيهم أشياء غريبة دخلوا وتعرفوا من باب الفضول والتسلية وقضاء بعض الأوقات؛ فأرهقونا واضطرونا لتغيير بريدنا. إن هؤلاء الكرام لم يفطنوا لقيمة الأوقات الغالية وظنوا أن الميل ليس إلا وسيلة للتسلية وقتل الوقت... ولم ينتبهوا لقيمته ولم يلتفتوا إلى خطورته ولم ينظروا في مآلاته ولم يستنبطوا منه مقاصده النبيلة والحميدة؛ وغاب عنهم أن تضييع الأوقات معه مهلكة.

ومن عجيب ما سمعتُ عن تجار المشاعر والحب الأصفر الذي ضاع جماله وخبت أنواره وذبلت ثماره في قلوبهم؛ لأنه لم يُرو بماء الصدق والوفاء؛أو لأن مَن يجري خلفه ويرتدي له ملابسه لم ينظر إلى قلوب الآخرين وظن أنها فارغة كما هي عنده.

قال بعض الإخوة حدثني فلان صديقي أنه تعرف على امرأة عن طريق غرف الدردشة وبعد أخذ وعطاء وشد وجذب ارتفعت المشاعر وعلت درجات الحب ولصغر سنه ماج صاحبنا وهاج وأرغى وأزبد وما كان منه إلا أنه واعدها ليلتقي بها؛ ولكنه توجَّس وتهيب من اللقاء لأن المسافة بينه وبينها بعيدة أخذ معه بعض الأصدقاء استقل السيارة وعندما اقترب من المكان الموعود قام بالاتصال وكانت هناك إشارة اتفقا عليها ومن رحمة الله به أن الله ألهمه أن يخفي إشارته حتى يراها أولاً قبل أن تراه؛ فلما رآها من بعيد وجدها لا حول لها ولا قوة شمطاء عجوز ترهقها غبرة وتعلوها قترة؛ فأعطى التليفون لصديقه وقال: قل لها إن صديقي العزيز فلان كان في الطريق إليك ولكن سيارته اصطدمت فكسرت ساقه وهو لا يقوى على أن يحدثك الآن والسلام وقام بغلق التليفون؛ ثم ولى مدبراً؛وعاد مهرولاً؛ ضحك كل مَن سمع القصة ولكني رأيتُ على وجوه بعضهم صورة الكلمات المنسابة على ألسنة العوام (إنها لمن المضحكات المبكيات ) ابتسمتُ معهم وقلتُ لقد نفد بجلده.

هذا موقف من مئات المواقف التي تحدث يومياً بين شبابنا وبناتنا من خلال الشبكة العالمية الإنترنت يبدأ الموضوع بالتعارف ثم يتدحرج رويداً رويداً؛ حتى يصل لمواعدة؛ ثم ينتهي بالدمار والخراب في بعض الأحيان.

التعارف مطلب شرعي:

إن التعارف مطلب شرعي ولبنة من لبنات البناء الاجتماعي وخُلق طيب لو أحسنا التعامل معه وسر من أسرار التقارب والتكامل والتفاهم.

لقد بدأ التعارف مع آدم وحواء عليهما السلام بعد أن هبطا من الجنة؛وفي شريعتنا الغراء عندما نقرأ عن التعارف كزاد موصل إلى معالم الطريق المفضية إلى بناء دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة، نجد أنه مع بدايات تفتح أنوار الوحي وإشراقه على الدنيا والبشرية المكدودة يلهم ورقة بن نوفل كلمات تشير حروفها وتهمس كلماتها همسات خفيفة على أن التعارف سر من أسرار البناء والريادة والانطلاقة بهذا الدين ففي حديث مسلم عن عائشة رضي الله عنها..." فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَيْ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَآهُ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا"رواه مسلم

بين الكلمات تأتي الإشارات وتنطلق وتنساب التلميحات بأنك رائد وهذا المكان ليس موطناً للريادة وليست البلدة هي دار الانطلاقة بهذا الدين وعليك من الآن أن تبحث عن المكان البديل؛ والبحث عن المكان يحتاج منك إلى أن توسِّع دوائر التعارف لأنك لو ظللت قابعاً في مكانك ماكثاً وسط هذه الدوائر الضيقة ستظل دعوتك وئيدة الخطى بطيئة السير.

ولذلك نلحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجهر بالدعوة وسَّع دوائر التعارف فما سمع بوافد يفد إلى مكة في الموسم أو في غيره إلا وتصدى له متعرفاً عليه شارحاً له رسالته طالباً منه النصرة والعون وشعاره مع الجميع وخصوصاً بعد أن كثرت الضربات وارتفعت الهجمات وزادت الملاحقات "هل من رجل يحملني حتى أبلغ دعوة ربي عز وجل"؛ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ:" هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ مِنْ هَمْدَانَ قَالَ فَهَلْ عِنْدَ قَوْمِكَ مِنْ مَنَعَةٍ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَشِيَ أَنْ يَحْقِرَهُ قَوْمُهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ آتِيهِمْ فَأُخْبِرُهُمْ ثُمَّ آتِيكَ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ قَالَ نَعَمْ فَانْطَلَقَ وَجَاءَ وَفْدُ الْأَنْصَارِ فِي رَجَبٍ"رواه أحمد, لم يكتف بذلك بل انطلق إلى القبائل خارج مكة المكرمة ليوسِّع من الدوائر؛ حتى كان آخرها ذهابه إلى الطائف وما لاقى فيها من أذى وعنت ومشقة؛ بل أمَر الصحابة بالهجرة إلى الحبشة لتتسع دوائر التعارف خارج نطاق مكة المكرمة قال محمد بن إسحاق: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية، بمكانه من الله عز وجل ومن عمه أبى طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه.فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفراراً إلى الله بدينهم. فكانت أول هجرة كانت في الإسلام. فكان أول مَن خرج من المسلمين عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. السيرة النبوية لابن كثير

فلما جاءت رحلة الإسراء والمعراج رسمت له معالم الطريق وأرشدته إلى دار الانطلاق عن أنس بن مالك-رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوتها عند منتهي طرفها، فركبتُ ومعي جبريل، فسارت، وقال: انزل فصل فنزلت فصليتُ، فقال: أتدري أين صليت ؟ صليتَ بطيبة وإليها المهاجر إن شاء الله، ثم قال: انزل فصل، قال: فنزلت فصليتُ، فقال: أتدري أين صليتَ ؟ صليتَ بطور سيناء حيث كلَّم الله موسى، ثم قال: انزل فصل فصليتُ، فقال: أتدري أين صليتَ ؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى"رواه الطبراني والنسائي

بعد ذلك وجَّه أنظاره وسخَّر جهده وركَّز بصره تجاه المدينة المنورة فما سمع بوافد يفد من المدينة إلى مكة إلا وتصدى له وتعرف عليه عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَ:لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ مَكَّةَ وَمَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنْ الْخَزْرَجِ سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُمْ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ قَالُوا وَمَا ذَاكَ قَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي إِلَى الْعِبَادِ أَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ لَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأُنْزِلَ عَلَيَّ كِتَابٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ فَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا أَيْ قَوْمِ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ قَالَ فَأَخَذَ أَبُو الحيسر أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ حَفْنَةً مِنْ الْبَطْحَاءِ فَضَرَبَ بِهَا فِي وَجْهِ إِيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ" رواه أحمد, ثم تعرَّف على سويد بن الصامت وكان يُسمى الكامل لشرفه وجلده فأسلم ثم اتسعت دائرة التعارف حتى لقي ستة نفر عند عقبة منى فقال لهم مَن أنتم؟ قالوا:نفر من الخزرج قال أمن موالي يهود قالوا نعم قال أفلا تجلسون أكلمكم ؟قالوا بلى فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن..فأسلموا وأجابوه.

وفي رحلة الإسراء والمعراج أرسيت مبادئ التعارف ورفعت أعمدته وانسابت ألفاظه على ألسنة الكرام عليهم السلام في أشرف بقع؛ جاء في حديث الإسراء "....... ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِابْنَيْ الْخَالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ{ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ...."رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه

هذا تأريخ يثبِت بأن التعارف زاد وفقه لابد منه لكل مَن أراد أن يكون رائداً في مكانه؛ وهو قاعدة أصيلة من قواعد البناء والتمكين والانتشار وصناعة المستقبل وبناء الحاضر وتلاشي سلبيات الماضي.

نحن في دنيا القرى الصغيرة والسماوات المفتوحة أصبحت عجلة التعارف أسرع من خيال الإنسان وتصوره؛ فلقد أزيلت الحواجز وتصدَّعت الجدران وتحطمت الأسوار وانكشفت الدنيا من مشرقها إلى مغربها ومن شمالها إلى جنوبها أمام حركة يد؛ بل تلاشت الأحلام ودفن الخيال مع حقائق اليوم حيث تحوّل حلم الأمس إلى حقيقة في كثير من مواطن مروره؛ وأصبحنا إن لم نفطن إلى الثقافات الوافدة إلينا بسبب اتساع رقعة التعارف سننماع ونذوب وننصهر وسيضيع التميز وسنتحول إلى متسولين نأخذ ولا نعطي.

إن التعارف مطلب شرعي وأمر فطري وضرورة بشرية ولكنه يَضيع بين المتاجرة والمراهقة بعد أن غلبت المصلحة والشهوة الفطرة الربانية والضرورة البشرية وعلت وتقدمت على المطلب الشرعي.

لقد تعدَّد الناس وتنوعوا في تعارفهم من خلال الشبكة العالمية الإنترنت واختلفت مشاربهم وكثر عددهم وتعددت شرائحهم فهم ما بين رجل, وامرأة, كبير, وصغير, غني, وفقير, رئيس, ومرؤوس, متزوج, وعذب باحث عن المصلحة وباحث عن إشباع رغباته وأهوائه...يقظ فطن وغافل لاهي؛ محافظ على قيمه وثوابته ومفرط فيها.

1- تعارف بين الذوق والأدب:

الذوق فن رفيع المستوى لا يعرفه إلا أصحاب المشاعر العالية والأحاسيس الفياضة وقبل الذوق يأتي الأدب كبلسم يكسو الفعل بالجمال؛ فكم بينهما من عموم وخصوص وتلاق وتلازم.

بعض مَن يبحث عن تعارف عن طريق الإنترنت يغيب عنهم الذوق الرفيع ويندثر عندهم الأدب العالي أثناء تعارفهم؛ فلربما اقتحموا الأبواب وفتحوا الشرفات وتطفلوا على غيرهم في أوقات ما كان ينبغي لهم أن يطرقوا فيها أبواب التعارف.

إن هناك أذواقاً وآداباً ينبغي أن تسبق التعارف مثل: الكلمة الطيبة المحفوفة باللين والحب والسماحة: هل تأذن لنا في الإضافة؟؛ هل عندكم وقت للحديث؟ هل بالإمكان أن نتعارف؟ ممكن آخذ من وقتكم بعض الدقائق؟ عندي سؤال إذا أذنتم لنا؛ وقبل الإقدام على ذلك معنا الآية الكريمة: (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)) النور؛ ساكنة في عقولنا ملتفة من حول جوارحنا لأن مقصدنا كسب قلب ورفع شارة الحب؛ وحتى لا يحل الغيظ والغلظة والجفاء والبغضاء مكان اللين والألفة.

- أن تتعرف على جنسك؛ فالرجال يتعارفون على الرجال وهكذا النساء حتى لا تحدث الخلوة المحرمة من خلال النت.

- إن كان لك مهمة فأوجز في قضائها؛ كما قال الإمام البنا عليه رحمة الله.

- أن أكون على علم ويقين بأن التعارف شُرِع من أجل التواصل والتفاهم والمحبة والتآخي والتحالف والتبادل والتكامل وصناعة الشراكة.

2- صور من التعارف المغشوش:

التعارف المغشوش هو الذي لا يكون إلا من قلب أدمن الغش والكذب في حياته من أجل أن يمتع أهواءه وملذاته وغرائزه؛ ضعاف النفوس واللصوص وسارقي المشاعر والأحاسيس والمتلاعبين بقلوب وعقول الناس وأهل الخداع وأصحاب الأهواء الخسيسة والأفكار المنحطة ومن حل بمشاعرهم وأحاسيسهم السفال والخسار؛ لهم أساليب في خداع الناس؛ واللعب على أوتار غرائزهم وشهواتهم فهم يستميلون الشباب ويرودوهم كما يُرود الأسد في السيرك؛ حتى يسرقوا مشاعرهم رويداً رويداً؛ونسي هؤلاء أن التعارف الصادق الجاد دأب المحبين؛ يعطونهم أرقام تليفوناتهم؛ ويعدونهم بوعود كاذبة ويمنونهم بأماني خادعة...ومع جوع الآخر وعطشه يلهث ويجري حتى يجد نفسه في النهاية (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ) الأنعام وهذه الصور وغيرها عواقبها وخيمة على مَن قام بها لخلوها من الصدق ولانغماسها في الخيانة؛ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُؤْمِنًا أَوْ مَكَرَ بِهِ"رواه الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم:" تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ" رواه البخاري

3- التعارف بين الإفراط والتفريط:

التفريط في التعارف يفرز إنساناً سلبياً انطوائياً انعزالياً وهذه آفة؛ والإفراط ينتج ويفرز ذوباناً وانصهاراً وانمياعاً؛ وهذه كلها آفات مدمرة وقاتلة فيجب الميل إلى الوسطية فلا إفراط ولا تفريط.

إنه يحتاج إلى تريث وبصيرة ودقة في الاختيار حتى ينتقي الإنسان الصالح ويترك الطالح؛ يختار وينتقي المجموعة الصالحة التي تعينه إذا ذكر وتذكِّره إذا نسي وتأخذ بيده إلى الفضيلة وتبعده عن الوقوع في الفواحش والمنكرات وسوء الأخلاق وما أكثر هؤلاء على الفيس بوك والمواقع الإسلامية. إذاً لابد من رسم خريطة للتعارف وإلا انجرف الإنسان من حيث لا يدري وجرى خلف المواقع الإباحية التي ما أنزل الله بها من سلطان.

إن الإفراط في التعارف يفضي إلى آفات خطيرة أخطرها وأكبرها ما يُسمى بالإدمان وأقصد به إدمان كإدمان المكيفات التي تبدأ بشيء يسير ثم تدمِّر كل شيء بعد توغلها في الجوارح -الحياة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية..... - وتجعل الإنسان عبداً لها ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23))الجاثية

4- التعارف بين التطوير والريادة:

فكما أن البعض له أهواء خبيثة أثناء تعارفه؛ فالبعض الآخر له ميول طيبة؛ فهو يتعارف من أجل تطوير نفسه إلى الأفضل؛ يتعرف على المواقع الطيبة والشخصيات المرموقة من أجل التطوير وجمع مستلزمات الريادة حتى يدخل مصنع الحياة؛ يتعرف على غيره من أجل تطوير ذاته والاستفادة من غيره والتواصل مع مَن سبقه؛ حتى يكون نافعاً لأهله وللناس من حوله, يتحدث الأستاذ الراشد عن العقلية الريادية قائلاً: نمط من التفكير تمتاز به النفوس القيادية؛ وهو تفكير يصدق الهمة العالية؛ ويحولها من مجرد أمنيات إلى أفكار وخطط وبرامج؛ ويجعلها حية تمشي على أرض الواقع؛ وهذا النمط من التفكير يظهر في أبسط الأمور؛ولا يشترط العظيم منها

قد رشحوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ

ثم يضيف قائلاً: الإنسان القيادي يتجاوز حدود المكان؛ ولا يحصره تفكيره في الحدود الضيقة؛ فلا قطعة من الأرض تحده؛ وإنما فكره تجاوز بلده ليعم الأرض؛ وتجاوز الأرض ليعم الكون جميعاً.أه كتاب فارس لا يترجل. إن الأشخاص الذين يوسِّعون من دوائر التعارف الجاد المثمر يحسنون صناعة الحياة ويصنعون أنفسهم لا محالة بعد انتهاء حياتهم وتوقف عجلة العمل والعطاء؛ فهم يُذكرون بأعمالهم الحسنة ومواقفهم النبيلة بين كل مَن تعرفوا عليه.

5- انتبه آفات يجب تطهيرها:

- الفراغ إذا اختلط بالتعارف من خلال النت؛ فلربما صنع الكثير من المشاكل...؛ نحن بشر نضعف مع الفراغ ونسبح في عالم من الأحلام والخيال يصل بنا إلى نهايات وخيمة وعواقب أليمة؛وفي عالم الأحلام متسع لمن يضيق بهم الواقع.

- مشاكل الحياة الكثيرة لا يمكن حلها أو تخفيفها أو التسرية عنها عن طريق تعارف النت.

- العطش والجفاف العاطفي في الأسرة قنبلة مدمِّرة وموقوتة بين الزوج وزوجته وبين البنت وأمها والولد وأبيه؛ التي لو تكاملت لما وجدنا مثل هذه الألوان من التعارف الضار؛حيث يُسَرّي البعض عن نفسه ويُعوّض عطشه بإنشاء شبكة من التعارف الغير محمود.

- غياب روح الرقابة

لو رفع الجميع شعار أين الله؟ أو الله شاهدي؛ لما وقع في فخ الصداقة الكاذبة ولا المخادنة ولما تاجر بمشاعر الآخرين يقول الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق: 18 ويقول تعالى: ( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) النور:15.

عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا" رواه بن ماجه

قال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سواء فقال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك فقلتُ: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي الله ناظر إلي الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة، فقلته فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل مَن كان الله معه وناظراً إليه وشاهده أيعصيه؟ إياك والمعصية،. إحياء علوم الدين

- غياب المتابعة من رب البيت وكبير الأسرة حيث يترك أبناءه دون توجيه بسبب انشغالاته أو بسبب عدم خبرته في التعامل مع هذه الوسيلة الحديثة؛ فينحرف مَن تحت يده وهو لا يدري.

6- التعارف شجرة طيبة لا تنبت في البيئات الخسيسة:

الباحث عن التعارف الصادق لا يدخل على المواقع الرذيلة التي تؤمن بالسفال والخسار، ولكن يبحث عن المواقع الطيبة التي تضيف إلى رصيده كماً من السعادة والبهجة وتبعده عن شبح المعصية.

ولنحذر من تلبيس إبليس الذي يرفع شعار:- أتعارف هنا من أجل هدايتهم -لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم- وما يدريك أن تُساق أنت وراءهم عَن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ هَذَا الْقَلْبَ كَرِيشَةٍ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ يُقِيمُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ"رواه أحمد

7- تعارف يبقى وصداقة تدوم:

الطيور على أشكالها تقع والأرواح جنود مجندة؛ نراه ونلحظه بين مَن يسرعون الخطى ويكثرون من الحركة بين صفحات النت ليلاً ونهاراً يقضون أوقاتهم ويقتلون فراغهم ويشبعون رغباتهم؛ فكل يبحث عن ليلاه أو يبكي على فراق قيس.

بعض الشباب تحوّل إلى مدمن شات وغرف دردشة ينسى صلاته ولا يذكر ربه إلا قليلاً وشعاره مع غرف الدردشة تعارف جاد من أجل البقاء ولمن يفعل ذلك أقول له: إن التعارف الجاد الحقيقي الباقي الذي لا يفنى والدائم الذي لا ينقطع هو أن تتعرف على زوجتك في الجنة بكثرة قيامك وقراءاتك لكتاب الله بالليل والناس نيام وأن تقدِّم مهرك لها ليس على شبكة الإنترنت ولا بكثرة السهر والحديث والكلام العذب الجميل من خلال غرف الدردشة وإنما في محاريب العبادة وكثرة الوقوف بين يدي الله رب العالمين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَّكِئُ فِي الْجَنَّةِ سَبْعِينَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ ثُمَّ تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فَتَضْرِبُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَيَنْظُرُ وَجْهَهُ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنْ الْمِرْآةِ وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا تُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ قَالَ فَيَرُدُّ السَّلَامَ وَيَسْأَلُهَا مَنْ أَنْتِ وَتَقُولُ أَنَا مِنْ الْمَزِيدِ وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْبًا أَدْنَاهَا مِثْلُ النُّعْمَانِ مِنْ طُوبَى فَيَنْفُذُهَا بَصَرُهُ حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ وَإِنَّ عَلَيْهَا مِنْ التِّيجَانِ إِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ" رواه أحمد

و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنْ الْحُسْنِ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا لَا يَسْقَمُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَبْصُقُونَ آنِيَتُهُمْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَأَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الْأَلُوَّةُ قَالَ أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِي الْعُودَ وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ"رواه البخاري؛ هذه الحورية لا بد من أن تعرفها في الدنيا حتى تعرفك في الآخرة؛ ولا بد من أن تبعث إليها بمهرها وإلا لن تتزوجها؛ اشرح لها حالك وبيّن لها مقامك واجعلها تحبك أكثر من حبك لها؛ رأى بعض مَن خص الحور العين بختمة يقرأ بها في قيام الليل؛ حورية في المنام بعد أن نام عن ورده تقول له: أتخطب مثلي وعني تنام ونوم المحبين عنا حرام

لأنا خلقنا لكل امرئ كثير القيام براه الصيام

قال أحد الصالحين:عجبت لمن باع قيام الليل بفضل لقمة، وضحى بنسيم السحر في سبيل نومة وأعلن انسحابه من نادي المتهجدين من أجل هجعة، يا أخي لو بعتَ لحظة تهجد بعمر نوح في ملك سليمان لكنتَ من الخاسرين.

أألهتك اللذائذ والأماني عن البيض الأوانس الحسان

تعيش مخلداً لا موت فيها وتلهو في الجنان مع الحسان

تنبه من منامك إن خيراً من النوم التهجد بالقرآن

يقول أبو سليمان الدارانى لأحمد بن أبى الحواري: "بينما أنا ساجد إذ ذهب بي النوم, فإذا بالحوراء, قد ركضتنى برجلها, فقالت: يا حبيبي, أترقد عيناك, والملك يقظان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم ؟؟ بؤساً لعين آثرت لذة النوم على مناجاة العزيز. قم فقد دنا الفراق, ولقي المحبون بعضهم بعضاً, فما هذا الرقاد ؟؟ حبيبي وقرة عيني !! أتنام وأنا أربى لك في الخدور منذ كذا وكذا ؟؟ فوثبتُ فزعاً وقد عرقتُ استحياء من توبيخها إياي وإن حلاوة منطقها لفي سمعي وقلبي "

عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « عجب ربنا من رجلين: رجل ثار من وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى الصلاة، فيقول الله جل وعلا: انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله، فانهزم الناس، وعلم ما عليه في الانهزام، وما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رجاء فيما عندي، وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه » صحيح ابن حبان

فاحرص أخي على التعارف الصالح؛ واترك الضار, وكن رائداً في بحثك عن أصدقائك صادقاً في حبك لهم مخلصاً في النصح, متجرداً في تواصلك؛ نسأل الله أن يجعلنا إخواناً متحابين, على سرر متقابلين آمين والحمد لله رب العالمين

أأأأأأأأأأأأأأأااااامين يارب العالمين
يقول الامام الشهيد حسن البنا -قدس الله سره-
"تعرف على اخوانك ممن تلقاه و ان لم يطلب منك ذلك فأساس دعوتنا الحب و التعارف"
و الله اكبر و لله الحمد

أكــــــــــيد

أساس دعوتنا :

" الحب و التعارف "